الخميس، 24 يونيو 2010

بورتريه بالداسار كاستيليوني للفنّـان الإيطـالي رافـائيــل

أحد ملامح عظمة رافائيل وتميّزه عمّن سواه من الرسّامين هو براعته الفائقة في فنّ البورتريه.
كان يلتقط الحالة الروحية والإنسانية والاجتماعية لشخوصه ثم يضيف إلى ذلك من الإيحاءات والدلالات الخاصّة ما يعين الناظر على التعرّف عن قرب على طبيعة الشخص ومكانته إلى غير ذلك من السمات الشخصية.
هذا البورتريه يعتبره بعض نقّاد الفنّ واحدا من أعظم البورتريهات التي أنجزت خلال عصر النهضة الايطالي، لدرجة أن الرسّام الهولندي روبنز قام باستنساخه وتقليده تعبيرا عن إعجابه به وبالأسلوب الذي ُنفّذ به.
وأوّل ما يميّز البورتريه روعة تصميمه ونعومة خطوطه وانسجام ألوانه واتّساق بنائه الهندسي العام.
ويأتي بعد ذلك موضوع البورتريه نفسه، إذ انه يصوّر شخصية فكرية يعتبرها الكثير من المؤرّخين من أهم شخصيات عصر النهضة الايطالي.
كان بالداسار كاستيليوني يعمل في بلاط اوربينو في بدايات القرن السادس عشر وكان كاتبا وأديبا بارزا ذا نزعة إنسانية.
ولعلّ احد أسباب شهرة كاستيليوني ترجع إلى كونه مؤلف كتاب "رجل البلاط" الذي اعُتبر احد أعظم الكتب في زمانه.
وقد كان لذلك الكتاب تأثير كبير في صياغة الأعراف والسلوكيات المفترض أن يتحلى بها رجال الحاشية والدائرة المقرّبة من الحكام والأمراء والولاة.
وتعدّى تأثير الكتاب حدود ايطاليا ليشتهر وينتشر في مختلف بلدان أوربا في ذلك الوقت.
في كتابه، يستعرض كاستيليوني جوانب من ثقافة وملامح عصر النهضة في ايطاليا، كما يتطرّق إلى طبيعة التفكير والعلاقات ومظاهر الايتيكيت والأعراف الرسمية والديبلوماسية التي كانت سائدة في بلاط اوربينو حيث كان يعمل.
ولا بدّ وأن رافائيل فكّر في رسم بورتريه لكاستيليوني مدفوعا بصداقته للرجل وقربه منه وكبادرة على احترامه وتقديره لفكره وعلمه.
مما يلفت الانتباه أيضا في هذا البورتريه براعة رافائيل في توظيف تقنية الفراغ الثلاثي الأبعاد من خلال رسم الأشكال الدائرية والبيضاوية التي تتخلل المنكبين والذراعين والأكمام.
ثم هناك الاستخدام المتقشّف والأنيق في توظيف الألوان التي يغلب عليها الأسود والرمادي وتدرّجاتهما المختلفة.
وبشكل عام فإن البورتريه ينقل لنا صورة رجل على درجة عالية من الذكاء والانضباط والوقار.
كما يشي البورتريه بالهدوء الداخلي لصاحبه وبالأخلاق والحكمة والمعرفة التي ُيتوقّع أن يتحلى بها رجل ينتسب إلى طبقة الأعيان والنبلاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق