الخميس، 24 يونيو 2010

بورتـريـه بـيـتـهوفــن للفنان الألماني جوزيـف كـارل شتـيلـر

من المؤكّد أن الكثيرين منّا ألفوا رؤية هذا البورتريه أو انه سبق لهم رؤيته ولو مرّة واحدة على الأقل من قبل.
والبورتريه يمثل اليوم أشهر عمل تشكيلي يصوّر بيتهوفن، أكثر المؤلفين الموسيقيين تأثيرا وشهرة على مرّ العصور.
وأهمية البورتريه تكمن في انه أنجز خلال حياة بيتهوفن نفسه، وبالتحديد في ربيع العام 1820، أي انه ينقل لنا بكثير من الوضوح والدقّة ملامح وجه الموسيقي الشهير وبعضا من مظاهر عبقريته.
وقد استُنسخ وطبع من هذا البورتريه منذ انجازه ملايين النسخ ويمكن رؤيته على أغلفة الكتب والاسطوانات المدمجة التي تتضمّن أعمال بيتهوفن الموسيقية.
أمّا فكرة رسم البورتريه فكانت بناءً على طلب من فرانز برينتانور وزوجته اللذين كانا صديقين لبيتهوفن.
المعروف أن بيتهوفن كان يعاني دائما من آلام الظهر المزمنة بالإضافة إلى ظروف إعاقته. لذا فقد اضطرّ إلى أن يجلس أمام الرسّام أربع مرّات وفي أوقات متفاوتة لكي يتجنّب آلام الجلوس الطويل على الكرسي.
في اللوحة يظهر بيتهوفن ممسكا القلم بيد وباليد الأخرى كراسّ نوتة موسيقية مكتوبا على غلافها اسم إحدى مقطوعاته الموسيقية بالألمانية.
وطريقة وقوفه وطبيعة نظراته توحي بأنه مستغرق في تأمّل عميق انتظارا لما قد يجود به الإلهام من موسيقى وألحان.
وليس مستغربا أن الرسّام اختار رسم بيتهوفن في غابة، حيث عُرف عن الأخير افتتانه الشديد بالطبيعةُُُُ وقد خصّص العديد من مقطوعاته الموسيقية لوصف الطبيعة والتغنّي بجمالها.
في بدايات القرن التاسع عشر كان الفنان جوزيف شتيلر يحظى بشعبية واسعة، وقد عمل في إحدى فترات حياته رسّاما في بلاط امبراطور بافاريا ورسم بورتريهات لكل من الشاعر والفيلسوف غوته والملكة اليونانية اماليا وملك نابولي بالإضافة إلى عدد من النبلاء وأفراد العائلات الملكية في النمسا وبروسيا والسويد.
وكما هو الحال في أعماله الأخرى، ابتعد جوزيف شتيلر عن النواحي الزخرفية واستخدم الألوان الفاتحة والداكنة معا لكي يبرز أكثر الملامح المميّزة لوجه الشخصية.
ذات مرّة قال احد الكتاب واصفا هذا البورتريه أن بيتهوفن يبدو فيه مثل عالم مجنون يجلس في معمله ويمزج مكوّناتٍ وعناصرَ لا يمكن أن تجتمع كلها في مكان واحد. انه يطلق طاقته المكبوتة ليأتي لنا بهذا المزيج المتفجّر والمدهش من الموسيقى والألحان التي لا تخطر على بال".
بيتهوفن كان احد مؤسّسي الرومانسية الموسيقية في القرن التاسع عشر، وكان عازفا بارعا على آلتي الفيولين والبيانو. وفي الفترة من 1800 – 1815 ألف أعظم أعماله الموسيقية على الإطلاق، أي سيمفونياته الشهيرة من الثانية إلى الثامنة.
وفي نهايات حياته أصبح يهتم بتأليف الترانيم المقدّسة والموسيقى الجنائزية، كما كتب أيضا السيمفونية التاسعة والتي استوحى فكرتها من قصيدة للشاعر شيللر يمجّد فيها الأخوّة الإنسانية والأفكار المثالية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق