الخميس، 24 يونيو 2010

بورتـريه ســاره برنــارد للفنان التشيـكي الفـونس مـوشــا

يعتبر الفونس موشا احد روّاد ما يُعرف بالفنّ الحديث الذي كان يهدف إلى إزالة الحواجز ما بين الرسم والجمهور. وكانت نظرية رموز هذا المدرسة تتلخص في أن الفن يمكن أن يستمدّ موضوعاته من مفردات الحياة الشعبية مثل إعلانات السلع وملصقات الشوارع والمترو وديكورات المسرح والسينما وخلافه.
وأهمّية هذا البورتريه تعود إلى كونه يصوّر ساره برنارد، أشهر ممثلة فرنسية في منتصف القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
وقد طلبت الممثلة من الرسّام انجاز ملصق يروّج لإحدى مسرحياتها من تأليف الكاتب المسرحي ادمون روستان.
وكان البورتريه بمثابة نقطة التحوّل التي عرّفت الجمهور بـ موشا ودخل على إثره دائرة الأضواء والشهرة.
كان البورتريه بعد إتمامه عملا تشكيليا يقترب من الكمال. ومن الواضح انه لا يخلو من الإثارة والشاعرية، بألوانه الشفّافة وخطوطه الناعمة وتموّجاته الرقيقة. وتبدو الممثلة هنا بنظرات واثقة وملامح جذّابة ومفعمة بالأنوثة. وقد عمد الرسّام إلى تضمين اللوحة انحناءات حسّية استوحاها من عناصر الديكور وألوان الطبيعة.
وبعد انجاز البورتريه استمرّت العلاقة ما بين الرسّام والممثلة لاكثر من ستّ سنوات عمل أثناءها على ملصقات ولوحات من وحي المسرحيات التي قامت ببطولتها.
وكان أيضا يصمّم ملابسها ومجوهراتها وديكورات مسرحياتها.
وقد أصاب الفونس موشا الكثير من النجاح والشهرة وهو لم يتجاوز بعد سنّ الخامسة والثلاثين.
ولد الفونس موشا في مدينة مورافيا ضمن ما يُعرف اليوم بجمهورية التشيك، وبدأ حياته موسيقيا لكنه سرعان ما تحوّل إلى الرسم بعد أن استهوته الرسومات والايقونات التي كانت تزيّن جدران الكنائس والأديرة في بلدته.
وفي مرحلة لاحقة انتقل إلى باريس حيث تعّرف إلى غوغان واثبت تفوّقا على نظرائه رغم انه كان يصغرهم سنّا.
في ذلك الوقت كانت باريس تشهد ذروة صعود الفنّ الانطباعي وبدايات تبلور المدرسة الرمزية.
وفي أيامه الأولى هناك عانى من الفقر والبطالة وعاش على الإعانات والتبرّعات.
اليوم ينظر التشيك إلى موشا باعتباره رمزا وطنيا وثقافيا. ومكانته في الروح التشيكية المعاصرة لا تقلّ عن مكانة مواطنيه الآخرين ممّن حقّقوا شهرة عالمية مثل الروائي فرانز كافكا والمؤلف الموسيقي الكلاسيكي انتوني فورجاك والرسّامة تمارا دي ليمبتسكا .
ومن أشهر أعماله الأخرى "الملحمة السلافية" وهي سلسلة من اللوحات استغرق إتمامها 18 عاما صوّر من خلالها المحطّات الرئيسية في مسيرة تاريخ السلاف كأمّة.
وعندما غزا الألمان تشيكوسلوفاكيا كان موشا من أوائل من تعرّضوا للاعتقال والمضايقة. وبعد التحقيق معه لبعض الوقت أطلق سراحه وسُمح له بالعودة إلى منزله.
لكنه سرعان ما توفّي بعد ذلك بفترة قصيرة، أي في يوليو من العام 1939، وكان عمره يناهز الثمانين عاما.
أما سارة برنارد فقد كانت امرأة متعدّدة المواهب والاهتمامات إذ كانت تمثل وتغنّي وترسم. ويقال إن قائمة عشّاقها والمعجبين بها تجاوزت الألف اسم، وكان بينهم ساسة ونبلاء ومتنفّذون. ويُعرف عنها أنها كانت تصطحب معها في رحلاتها وأسفارها جيشا من الكلاب والقطط والنمور والتماسيح والأسود. وقد تخطت شهرة برنارد حدود فرنسا وكان لها جمهور ومعجبون في مختلف أرجاء العالم كما طافت مسرحياتها أمريكا وعددا من الدول الأوربية. وكانت صورها وقصص مغامراتها العاطفية حديث المجتمع والصحافة اليومية.
وفي أخريات حياتها عانت مشاكل صحية بُترت على إثرها إحدى ساقيها ثم لم تلبث أن أصيبت بجلطة في الدماغ شلّت نشاطها ودفعت بها إلى العزلة والابتعاد عن الأضواء إلى أن توفّيت في سنّ التاسعة والسبعين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق