الأحد، 27 يونيو 2010

بورتريه مـدام دي بومبادور للفنان الفرنسي فرانسـوا بـوشيـه


يعتبر فرانسوا بوشيه (1703-1770) رائد اتجاه الروكوكو في فرنسا، وهو أسلوب يخضع الموضوع لنوع من الحسّية التي تتحوّل من خلالها الأجساد والملابس والغيم والأمواج والغابات إلى صور للرغبة والمجاز ودغدغة الغرائز.
عمل بوشيه معظم حياته في باريس وفي 1765 عين رساما أوّل للملك.
بعض رسوماته تدفع الناظر إليها إلى الابتسام بسبب التأثيرات الحسّية المتكدّسة والباذخة فيها.
المشاهد الميثولوجية الضخمة التي رسمها في لوحته "شروق الشمس وغروبها" تسبّبت في إحداث صدمة لدى عرضها في باريس لدرجة أن كثيرا من النساء امتنعن عن الحضور تحرّجا وحياءً من المشاهد التي تضمّنتها.
ورغم حديث النقاد في عصر بوشيه عن عنصر الإغواء في لوحاته، فان بعضهم كان يقول إن ذلك يمكن أن يندرج تحت باب "الرذيلة التي يمكن قبولها"!
واللوحة تصوّر مدام دي بومبادور (1721-1764) التي كانت ذا نفوذ ثقافي ضخم في فرنسا القرن الثامن عشر.
ولدت دي بومبادور في باريس وتزوّجت من شارل غيوم لكنها أصبحت في العام 1745 خليلة للملك لويس الخامس عشر. وتلك كانت وظيفة رسمية، إلى جانب منحها لقبا تشريفيا هو الماركيزة دي بومبادور. استمرّت علاقتها بالملك فترة طويلة لكنها تحوّلت في ما بعد إلى علاقة أفلاطونية إذا جاز التعبير بعد أن خمدت جذوة الحب بين العاشقين. غير أن مكانة المرأة ونفوذها استمرّا على حالهما.
رعت مدام دي بومبادور الكثير من الأعمال الفنية كما ضمنت رعاية الملك للكتّاب والرسّامين، وكان شقيقها الماركيز دي ماريني وزيرا للثقافة في ذلك العهد.
وكان نفوذها واضحا في لوحة "شروق الشمس وغروبها" التي ساعدت هي في اختيار موضوعها المستمدّ من أسطورة اوفيد. وفي اللوحة تبدو بومبادور على شكل حورية وهي ترحّب بعودة الشمس أي الملك.
في لوحة مدام دي بومبادور تظهر السيّدة واقفة وسط الطبيعة، والزهور تنمو عند قدميها بينما تنعكس البراعم الرقيقة على فستانها الحريري المزركش باللون الزهري. وتبدو السيّدة مرتاحة في هذا الجزء من الطبيعة، بينما أسندت يدها بطريقة طبيعية على قاعدة تمثال وأمسكت بالأخرى مروحة وهي تشير إلى كلبها الصغير الذي يجلس بوفاء.
الرسالة هنا موجهة إلى الملك: إنها وفيّة له بمثل وفاء الكلب.
أما التمثال فيسمّى "الصداقة عزاء للحبّ" ، والولد يمثل كيوبيد، وفي هذا تلميح إلى تحوّل علاقتها بالملك من علاقة جنسية إلى علاقة صحبة وصداقة.
لوحة مدام دي بومبادور كانت حدثا ثقافيا كبيرا في فرنسا منتصف القرن الثامن عشر، وكانت السيّدة تستخدم اللوحات الفنية كوسيلة للتواصل مع الملك والعامّة معلنة عن ولائها ومحبّتها للقصر وغزارة ثقافتها ورجاحة عقلها.


هناك تعليق واحد:

  1. أهنئك على المدونة الفنية الراقية والتي تحوي موضوعات تخلب لبي.
    عصر الروكوكو كان يحمل لوحات جميلة في نظري رغم البهرجة الزائدة فلوحات الملكة ماري أنطوانيت جميلة والبذخ الذي تمثله أنطوانيت يصل بوضوح عبر اللوحات الفنية والتي لاتمثل إلا الحقيقة فالقرن الثامن عشر كان عصر البذخ والأرستقراطية وهذا ماتعكسه اللوحات الفنية التي لاينقصها إلا أن تنطق أما مدام دي بومبادور رغم كونها خليلة إلا أنها راقية ومثقفة فهي أفضل من غريمتها الكونتيسة دي باري..
    شكراً على التدوينة الجميلة.

    ردحذف