بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 26 يونيو 2010

العـــروس للفنان الفرنسي مـارك شاغـال

من أهم السّمات التي تميّز لوحات مارك شاغال تلك المسحة من السوريالية والفانتازيا التي تخاطب اللاوعي، وميل الفنان إلى تضمين أعماله بعض اللمسات الشاعرية التي لا تخلو من غرابة أحيانا.
ولد مارك شاغال في روسيا وكان اكبر أخوته التسعة. وفي الفترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، هاجر إلى فرنسا حيث قضى في باريس بقيّة حياته. هناك درس أعمال كبار الرسّامين في ذلك الوقت واطلع عن كثب على المدارس التكعيبية والسوريالية والوحشية قبل أن يحدّد السمات الخاصّة والمتفرّدة التي أصبحت علامة فارقة للوحاته.
وقد نقل الفنان في الكثير من أعماله جوانب من ذكرياته عن مظاهر الحياة في قريته الروسية الصغيرة حيث ولد. كما ضمّن بعضها الآخر تفاصيل لأحداث مرّ بها في حياته الخاصة.
بالإضافة إلى اشتغاله بالرسم، أنجز شاغال رسوما إيضاحية لبعض الأعمال الأدبية الكلاسيكية. كما أن ثلاثا من لوحاته الضخمة تزيّن كلا من سقف دار الأوبرا في باريس وردهة أوبرا المتروبوليتان في نيويورك.
لوحة العروس يعتبرها النقّاد أفضل أعمال شاغال وأكثرها شهرة، وهي تصوّر فتاة في ثوب زفاف احمر لامع، وبيدها باقة من الورد.
في هذه اللوحة تتجلّى مقدرة الفنان في اختياره المتميّز للّون والشكل. وهي صفة اكتسبها من التعبيرية الروسية، التي زاوج في باريس بينها وبين الأسلوب التكعيبي الفرنسي.
بالإضافة إلى الفستان الأحمر القشيب، هناك الوشاح الأبيض المنسدل على رأس الفتاة. أما خلفية اللوحة فهي عبارة عن مزاوجة فريدة بين الألوان الرمادية والزرقاء.
والجانب الفنتازي في المشهد يبدو جليّا في صورة الخروف الذي يعزف الموسيقى، والسمكة التي تضرب على ما يشبه الدفّ، والرجل الواقف عند رأس الفتاة محاولا في ما يبدو تعديل الوشاح على رأسها لجعلها تبدو في أحسن صورة.
وفي الزاوية البعيدة ثمّة بناء ربّما كان كنيسة، على اعتبار أن الكنيسة عنصر أساسي في مراسم الزواج.
شخوص شاغال، من عمّال وعشّاق وموسيقيين وحيوانات وأزهار، تجريديون لكنْ يمكن التعرّف عليهم وتمييزهم بسهولة. ورسوماته مرحة ومليئة بالعاطفة كما أنها تركّز على الجوانب الخفيفة والايجابية من الحياة.
لم يكن شاغال من الرسّامين الذين يحرصون على تغيير أساليبهم وتقنياتهم مع مرور الوقت. غير انه مع ذلك نجح في ابتكار لغة جديدة من الأشكال المشوّهة والألوان الغنية والاستعارات الشاعرية التي طوّعها لتصوير العالم من حوله ببساطة حالمة وبكثير من الحنين والشغف والبراءة.
تم توظيف هذه اللوحة في أعمـال أدبية وشعرية وموسيقية مختلفة، كما ظهـرت في مشاهد من أفلام سينمائية كان آخرها فيلم نوتنغ هيل Notting Hill.
المعروف أن شاغال كان يهتمّ كثيرا بتصوير المشاهد الدينية، وله العشرات من الأعمال الفنية التي تستند في مضامينها إلى قصص من الإنجيل والعهد القديم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق