بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 27 يونيو 2010

عـذراء المستشـار روليـن للفنان الهولندي يان فان آيك

طلب المستشار نيكولاس رولين من الفنان الهولندي يان فان آيك رسم بورتريه له.
رولين كان حاكما على بورغوندي وبرابانت، وكان ذا شخصية صارمة جدا. وبالرغم من خلفيته المتواضعة فانه كان رجلا متوقّد الذكاء إلى أن استطاع في النهاية تولي تلك الوظيفة المرموقة.
وطوال أربعين سنة كان رولين اليد اليمنى للملك فيليب الملقب بالطيب، كما كان أحد المهندسين الرئيسيين وراء نجاح العرش.
وقد رسم فان آيك هذه اللوحة عندما كان رولين في ستّينيات عمره.
ورغم المسئوليات الجسام التي كان ما يزال يقوم بها آنذاك، فان وجه رولين في اللوحة ما يزال يفتن الناظر مع انطباع هو مزيج من القوة والنشاط والصرامة.
رولين هنا يرتدي سترة موشّاة بالذهب. ويبدو المستشار في وضع الانحناء علامة الخضوع والاحترام.
أما نظراته فتبدو مستغرقة في التأمّل والخشوع كما لو انه فرغ توّا من قراءة الكتاب المقدّس.
والى اليمين تبدو العذراء جالسة في رداء احمر وقد قدّمت إلى المستشار المسيح الصغير، بينما أمسكت إحدى الملائكة بالتاج الضخم لتضعه على رأس العذراء.
أما الأعمدة الثلاثة التي ينكشّف عنها المشهد في الخلفية فتبدو كبيرة بعض الشيء مقارنة بالأشياء القريبة، وعبر الأعمدة تبدو حديقة صغيرة تناثرت فيها الزهور التي ترمز إلى فضائل السيّدة العذراء.
وعلى مقربة من المشهد يلوح ملاكان صغيران يعطي أحدهما ظهره للناظر.
والى جوارهما يبدو طاووسان ربّما أراد الفنان أن يتّخذ منهما رمزا للخلود والأبدية، أو قد يرمزان للرفعة والكبرياء التي تتّسم بها شخصية المستشار رولين.
لكن المشهد الأكثر جلالا وروعة في هذه اللوحة هو بلا شكّ منظر المدينة الذي يتراءى خلف الغرفة.
والانطباع الذي يتركه المشهد بأجمعه هو أن القصر هو في واقع الأمر حصن بني على حافّة تلة مرتفعة.
والى اسفل، أي في منتصف اللوحة تماما، يبدو نهر يترقرق ماؤه متدفّقا عبر وسط المدينة بينما بدت في منتصفه جزيرة صغيرة.
والى اليسار وخلف المستشار رولين يبدو الجزء الأكثر تواضعا في المدينة.
والى اليمين، أي خلف العذراء، تبدو الأحياء الموسرة من المدينة مجللة بالمنظر المهيب للكنيسة القوطية.
وعلى ضفاف النهر بدت القوارب وهي تتهادى على صفحة الماء وصولا إلى الشاطئ.
الشاهد هنا هو أن جميع البشر الذين يوحّدهم الإيمان يسافرون جميعا باتجاه هذه المدينة وكاثيدرائيتها العتيقة.
وفي البعيد، يلوح الأفق وقد ُسدّ بمنظر الجبال التي تكلل قممها الثلوج تحت سماء زهرية صفراء.
يرى بعض النقاد أن هذه اللوحة تقدّم نظرة شاملة للكون، أما فان آيك نفسه فقد كان اشهر الفنانين الفلمنكيين خلال القرن الخامس عشر. وقد منحته موهبته ميزة القرب من بلاط الملك فيليب في لاهاي.
أنجز فان آيك افضل لوحاته بين العامين 1432 و 1439م ، واشهرها العذراء والمستشار و ارنولفيني وزوجته.
توفّي جان فان آيك في العام 1441م.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق