الشخص الظاهر في هذه اللوحة ليس مصارعا ولا ملاكما. كما انه ليس بطلا في كمال الأجسام كما قد يظنّ الناظر لأوّل وهلة.
وانتفاخ جسمه الغريب ليس بالضرورة دليل صحّة أو عافية.
بل على العكس من ذلك، فالمشهد يقدّم صورة للألم الجسدي والمعاناة بأجلى صورهما.
لكن لنفترض أوّلا أن شخصا لدغته أفعى، كيف ستبدو تعابير وجهه واستجابة جسده للحادثة؟
الإجابة البسيطة عن هذا السؤال هو أن استجابته ستكون مزيجا من الصراخ والنظرات المرعوبة من اثر الصدمة والشعور بالألم.
لكن الرسّام ابيلدغارد اختار أن يصوّر هذا الموقف الإنساني العصيب بطريقة مختلفة وغير مألوفة.
والفنان يجسّد في هذه اللوحة، التي تعتبر أشهر لوحاته، قصّة البطل الإغريقي فيلوكتيتيس.
كان فيلوكتيتيس رامي سهام عظيما في اليونان القديمة. وفي طريقه إلى حصار طروادة حدث أن لدغته أفعى سامّة في قدمه.
كان ذاهبا إلى الحرب لإظهار براعته في رمي السهام. لكن الأفعى قطعت عليه الطريق وسبّبت له معاناة لا توصف.
بدأ الجرح يتقيّح وتنزّ عنه رائحة كريهة ومقزّزة. وأصبح البطل يعاني من نوبات من الصراخ والعويل الذي لا ينقطع.
ولأن حالته بدت ميئوسا منها، فقد قرّر رفاقه أن يتخلّوا عنه فتركوه لوحده فوق جزيرة منعزلة وأبحروا مبتعدين.
الأسطورة وفّرت للرسّام فرصة لتصوير الألم. ولكي يثبت براعته عمد إلى تعرية بطله. غير انه لم ينشغل كثيرا بتصوير مكان الألم، أي القدم. كما لم يهتمّ بتصوير صراخ البطل وعويله. بل فضّل أن يرسم ألمه الجسدي العام من خلال تصوير تشنّجات واهتزازات الجسد بأكمله.
في اللوحة يبدو فيلوكتيتيس متكوّما على نفسه من هول إحساسه بالألم، وفكّه ملتصق بركبته، بينما انثنى عموده الفقري كالدائرة. التشريح في هذه اللوحة غريب جدّا. العضلات متضخّمة، والظهر مقوّس ومشدود بعنف والمسافة بين الأعضاء والمفاصل أطول مما ينبغي.
القوّة التعبيرية في اللوحة واضحة. شعر البطل الذي تطيّره الرياح القويّة يضفي على المشهد بعدا دراميا إضافيا. ومع ذلك قد لا يشعر الناظر بكثير من التعاطف مع البطل، ربّما لأن الألم هنا يبدو مسرحيا واستعراضيا إلى حدّ كبير.
ابيلدغارد اشتهر بأسلوبه الرومانسي. وهو يُلقّب بأبي الرسم الدانمركي. ويعود إليه الفضل في انه وضع الأساس لحقبة في الفنّ سُمّيت بالعصر الذهبي للرسم الدانمركي.
وقد كان منجذبا إلى شكسبير وهوميروس وسقراط وكانت تستهويه أساطير الشمال والملاحم الإغريقية. كما كان صديقا للرسّام السويسري هنري فوزيلي الذي زامله في روما حيث درسا هناك أعمال مايكل انجيلو. وفي ما بعد قام باستنساخ لوحة فوزيلي المشهورة "الكابوس" بعد أن أجرى عليها بعض التعديلات.
لا بدّ وأن ابيلدغارد رسم هذه اللوحة وفي ذهنه شخوص مايكل انجيلو بعضلاتهم المفتولة وأطرافهم المتضخّمة.
لكن كيف كانت نهاية البطل المشئوم فيلوكتيتيس؟
لحسن حظّه لم تنجح الآلهة في إجهاض أحلامه بتحقيق المزيد من الانجازات والانتصارات.
إذ تذكر الأسطورة انه قضى في عزلته في الصحراء عشر سنوات. وبعد أن شُفي من عضّة الأفعى التحق بالحرب وكان من ضمن المقاتلين الذين اختبئوا داخل حصان طروادة الخشبي.
وقد كانت قصّته موضوعا لمسرحيتين؛ الأولى للأديبة الفرنسية جورج صاند والثانية للشاعر الايرلندي الحائز على نوبل في الآداب شيموس هيني.
كما استلهم الشاعر الانجليزي وليام ووردزوورث أحداث أسطورة فيلوكتيتيس في إحدى قصائده.
عمل الفنان نيكولاي ابيلدغارد أستاذا بأكاديمية الفنون في كوبنهاغن. وعُرف بدفاعه عن الإصلاح السياسي وحرّية الفكر. كما كان مناوئا للنظام الملكي ولسلطة الكنيسة. وبعض لوحاته ما تزال إلى اليوم تزيّن قاعات مجلس النوّاب وبعض القصور الملكية في بلاده.
وانتفاخ جسمه الغريب ليس بالضرورة دليل صحّة أو عافية.
بل على العكس من ذلك، فالمشهد يقدّم صورة للألم الجسدي والمعاناة بأجلى صورهما.
لكن لنفترض أوّلا أن شخصا لدغته أفعى، كيف ستبدو تعابير وجهه واستجابة جسده للحادثة؟
الإجابة البسيطة عن هذا السؤال هو أن استجابته ستكون مزيجا من الصراخ والنظرات المرعوبة من اثر الصدمة والشعور بالألم.
لكن الرسّام ابيلدغارد اختار أن يصوّر هذا الموقف الإنساني العصيب بطريقة مختلفة وغير مألوفة.
والفنان يجسّد في هذه اللوحة، التي تعتبر أشهر لوحاته، قصّة البطل الإغريقي فيلوكتيتيس.
كان فيلوكتيتيس رامي سهام عظيما في اليونان القديمة. وفي طريقه إلى حصار طروادة حدث أن لدغته أفعى سامّة في قدمه.
كان ذاهبا إلى الحرب لإظهار براعته في رمي السهام. لكن الأفعى قطعت عليه الطريق وسبّبت له معاناة لا توصف.
بدأ الجرح يتقيّح وتنزّ عنه رائحة كريهة ومقزّزة. وأصبح البطل يعاني من نوبات من الصراخ والعويل الذي لا ينقطع.
ولأن حالته بدت ميئوسا منها، فقد قرّر رفاقه أن يتخلّوا عنه فتركوه لوحده فوق جزيرة منعزلة وأبحروا مبتعدين.
الأسطورة وفّرت للرسّام فرصة لتصوير الألم. ولكي يثبت براعته عمد إلى تعرية بطله. غير انه لم ينشغل كثيرا بتصوير مكان الألم، أي القدم. كما لم يهتمّ بتصوير صراخ البطل وعويله. بل فضّل أن يرسم ألمه الجسدي العام من خلال تصوير تشنّجات واهتزازات الجسد بأكمله.
في اللوحة يبدو فيلوكتيتيس متكوّما على نفسه من هول إحساسه بالألم، وفكّه ملتصق بركبته، بينما انثنى عموده الفقري كالدائرة. التشريح في هذه اللوحة غريب جدّا. العضلات متضخّمة، والظهر مقوّس ومشدود بعنف والمسافة بين الأعضاء والمفاصل أطول مما ينبغي.
القوّة التعبيرية في اللوحة واضحة. شعر البطل الذي تطيّره الرياح القويّة يضفي على المشهد بعدا دراميا إضافيا. ومع ذلك قد لا يشعر الناظر بكثير من التعاطف مع البطل، ربّما لأن الألم هنا يبدو مسرحيا واستعراضيا إلى حدّ كبير.
ابيلدغارد اشتهر بأسلوبه الرومانسي. وهو يُلقّب بأبي الرسم الدانمركي. ويعود إليه الفضل في انه وضع الأساس لحقبة في الفنّ سُمّيت بالعصر الذهبي للرسم الدانمركي.
وقد كان منجذبا إلى شكسبير وهوميروس وسقراط وكانت تستهويه أساطير الشمال والملاحم الإغريقية. كما كان صديقا للرسّام السويسري هنري فوزيلي الذي زامله في روما حيث درسا هناك أعمال مايكل انجيلو. وفي ما بعد قام باستنساخ لوحة فوزيلي المشهورة "الكابوس" بعد أن أجرى عليها بعض التعديلات.
لا بدّ وأن ابيلدغارد رسم هذه اللوحة وفي ذهنه شخوص مايكل انجيلو بعضلاتهم المفتولة وأطرافهم المتضخّمة.
لكن كيف كانت نهاية البطل المشئوم فيلوكتيتيس؟
لحسن حظّه لم تنجح الآلهة في إجهاض أحلامه بتحقيق المزيد من الانجازات والانتصارات.
إذ تذكر الأسطورة انه قضى في عزلته في الصحراء عشر سنوات. وبعد أن شُفي من عضّة الأفعى التحق بالحرب وكان من ضمن المقاتلين الذين اختبئوا داخل حصان طروادة الخشبي.
وقد كانت قصّته موضوعا لمسرحيتين؛ الأولى للأديبة الفرنسية جورج صاند والثانية للشاعر الايرلندي الحائز على نوبل في الآداب شيموس هيني.
كما استلهم الشاعر الانجليزي وليام ووردزوورث أحداث أسطورة فيلوكتيتيس في إحدى قصائده.
عمل الفنان نيكولاي ابيلدغارد أستاذا بأكاديمية الفنون في كوبنهاغن. وعُرف بدفاعه عن الإصلاح السياسي وحرّية الفكر. كما كان مناوئا للنظام الملكي ولسلطة الكنيسة. وبعض لوحاته ما تزال إلى اليوم تزيّن قاعات مجلس النوّاب وبعض القصور الملكية في بلاده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق