بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 19 يونيو 2010

بورتريه فيرا مامونتوفا للفنان الروسي فـالانتـين سيـروف

كان فالانتين سيروف احد أشهر الرسّامين الذين ظهروا في روسيا في نهايات القرن قبل الماضي. ولم تكن شهرته مقتصرة على روسيا بل تجاوزتها إلى الخارج. وهو ينحدر من عائلة عُرف عن أفرادها اشتغالهم بالرسم وبالموسيقى. وقد هيّأت له أسرته تعليما ممتازا وحياة مرفّهة ومريحة.
بعض لوحات سيروف تعطي انطباعا عن رسّام كان يفهم الطبيعة البشرية والدوافع الكامنة وراء تصرّفات الإنسان.
وكان يمزج في لوحاته بين تقاليد المدرسة الكلاسيكية والأسلوب الانطباعي في الرسم. الغريب أن سيروف كان يرسم لوحات قريبة الشبه بلوحات رينوار، رغم انه لم يكن يعرف شيئا عن ظهور اتجاه جديد في الرسم، آنذاك، يسمّى الانطباعية.
ويمكن اعتبار لوحاته انعكاسا لعالمه المثالي الجميل الذي يضجّ بالحيوية وبالألوان المشرقة والأضواء المبهجة.
رسم سيروف هذا البورتريه الجميل لـ فيرا مامونتوفا ابنة احد كبار رعاة الفنون في روسيا في ذلك الحين.
كان والد فيرا رجلا واسع الثراء وذا نفوذ. وكان من عادته أن يستضيف في ضيعته عددا من أصدقائه الفنانين مع أفراد عائلاتهم حيث يمكثون هناك طوال أشهر الصيف. كان هؤلاء، ومن بينهم سيروف، يقضون وقتهم هناك في دراسة التاريخ والثقافة الروسية وفي الرسم والتأليف الموسيقي.
وقد رسم سيروف هذا البورتريه للفتاة عندما كان في ضيافة والدها. وفيه تظهر فيرا ممسكة بثمرة خوخ بينما تتناثر على المائدة ثمار أخرى مع سكّين. أشعّة الشمس تتخلّل الغرفة وتنعكس على ملابس الفتاة وعلى غطاء الطاولة. حضور الفتاة مريح وبسيط يذكّر بأجواء الريف. الأضواء المتوهّجة توصل إحساسا عن عالم مثالي وبعيد. والمنظر بعمومه يوفّر صورة جمالية للحظات من السعادة والصفاء.
ويُخيّل للناظر أن الفتاة ستترك بعد لحظات الفاكهة التي بيديها لتقفز في سماء الغرفة وتملأها فرحا وحبورا.
الفاكهة في اللوحة قد تكون رمزا لجمال المرأة الشابّة وحيويّتها. وهي تقوم بوظيفة الأزهار التي تظهر في لوحات كثرة تصوّر نساءً. وكلاهما، أي الأزهار والفاكهة، غالبا ما تشير إلى الجمال الأنثوي.
عاش سيروف فترة من حياته في ميونيخ ثم ذهب من هناك إلى باريس التي التقى فيها الرسّام الروسي الكبير ايليا ريبين الذي احتضنه ورعاه وشجّعه.
وعندما عاد إلى روسيا أصبح جزءا من دائرة من الفنانين كان من أشهرهم الرسّام آيزاك ليفيتان والموسيقيّ ريمسكي كورساكوف. وقد رسم لكلّ من هذين الاثنين بورتريها.
جرّب سيروف أنواعا شتّى من الرسم. إذ رسم المناظر الطبيعية كما رسم بورتريهات لشخصيات تاريخية مثل بطرس الأكبر بالإضافة إلى البورتريه المشهور الذي رسمه للأميرة الروسية اولغا اورلوفا.
وفي بعض الأوقات، زاول سيروف التدريس فعمل كأستاذ للرسم في عدد من الجامعات كان آخرها أكاديمية سانت بيترسبيرغ للفنون الجميلة.
توفي فالانتين سيروف في العام 1911 عن تسعين عاما ترك خلالها بصمة لا تُمحى على تاريخ الرسم في بلده والعالم.
وما تزال أعماله تستقطب اهتماما خاصّا من زوّار المتاحف الروسية الكبيرة التي تعرض لوحاته.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق