موضوع هذه اللوحة مستمدّ من قصّة وردت في المصادر اليونانية القديمة، وأشهرها كتاب بلوتارك بعنوان "حياة آلسيباياديز". وقد صوّر الموضوع العديد من الرسّامين وأشهرهم جان ليون جيروم وفيليكس اوفاري، بالإضافة طبعا إلى جان رينولت الذي رسم لوحة ثانية عن نفس القصّة.
كان آلسيباياديز احد أكثر الشخصيات إثارةً للجدل في اليونان القديمة. والاهمّ من هذا انه كان احد أفضل تلاميذ وأتباع سقراط. وقد عاش حياة مرفّهة في أثينا وساعده على ذلك جمال ملامحه وثراء أسرته. وعُرف عنه انه كان ذا روح حرّة ومفعما بالنشاط والحيوية. ولهذه الأسباب كان له معجبون كثر بقدر ما كان له أعداء.
كان متزوّجا من امرأة وفيّة وذات مكانة ونسب. لكنّها ضاقت ذرعا بعلاقات زوجها المتعدّدة مع الغانيات. لذا تركته واعتكفت في بيت عائلتها. غير انه لم يكترث للأمر، بل استمرّ في نفس أسلوب حياته المتهتّك والمستهتر.
وقد أصبح تلميذا عند سقراط منذ سنواته المبكّرة. ويقال أنهما كانا منجذبين إلى الفكرة اليونانية القديمة عن الحبّ بين رجل وشابّ. هذا النوع من العلاقة كان أفلاطون، مثلا، يضعه في مكانة أسمى من علاقة الحبّ التي يمكن أن تربط رجلا وامرأة.
لكن آلسيباياديز كان يحبّ النساء أيضا. وكان، مثل بقيّة رجال أثينا آنذاك، يتردّد على بيوت الهوى. في ذلك الوقت، كان الرجال يتميّزون كثيرا على النساء ولم يكن هناك أيّ قدر من المساواة بين الجنسين كما يعرفها الناس اليوم. وكانت غالبية المحظيّات يتوجّهن للطبقة الاجتماعية الرفيعة. ويمكن مقارنة مكانتهنّ بنساء الصالونات التي عرفتها أوربّا خلال القرن التاسع عشر من حيث تمتّعهن بالثقافة والجمال والذكاء والقدرة على انتزاع إعجاب الرجال. ولم يكنّ يعانين من الكثير من القيود الاجتماعية، مقارنة بنساء أثينا المتزوّجات اللاتي كنّ يعشن حياة كبت وتهميش.
وقد جرت العادة أن يتمّ تدريب هذا النوع من النساء على إجادة فنّ الحديث والتسلية الموسيقية والغناء والرقص وعزف الآلات الموسيقية. وكنّ يرافقن الأغنياء ووجهاء المجتمع، مقابل المال، لحضور الندوات وحفلات الشراب والمناسبات الاجتماعية والسياسية والفكرية.
أسبيشيا كانت أشهر هؤلاء. حيث كانت تدير بيتا للغانيات في أثينا، وكانت تعلّم النساء الشابّات فيه على فنون مجالسة الرجال وأحيانا ما هو أكثر من الأمور الحميمة، كالخطابة والجدل. كان سقراط نفسه يحترم هذه المرأة بل ويعتبرها إحدى أفضل النساء في أثينا لكثرة ما كانت تشارك في النقاشات الفلسفية والسجالات الفكرية التي كانت تدور بين أعيان المجتمع والمثقّفين.
والواقع أن من ينظر إلى هذه اللوحة لا بدّ وأن ينحّي جانبا كلّ انطباعاته المسبقة عن المعلّم الحكيم سقراط. فمن الصعب أن نتخيّله غاضبا، مثلا، بسبب زيارة قام بها أحد تلاميذه إلى ماخور. وحتّى فكرة أنه يمكن أن يثور بدوافع الغيرة تبدو فكرة غير محتملة.
في اللوحة يرسم رينولت سقراط وهو في حالة غضب بينما يسحب تلميذه النزق لإبعاده عن إغراء النساء. غير أن آلسيباياديز ما يزال متشبّثا بمحظيّته حتّى وهو يرى أستاذه مصرّا على إخراجه من المكان بالقوّة. وعلى يمين اللوحة، تبدو أسبيشيا وهي تحاول تهدئة امرأة أخرى مستلقية على السرير.
الغريب أن سقراط نفسه كان يستمتع بجلسات منتظمة في حضور الغانيات. لكنه كان ينصح دائما بالاعتدال في كلّ شيء. ولطالما اعترض على أن يصرف الإنسان جزءا كبيرا من وقته على الملذّات الحسّية. وكان يقول إن الاعتدال من شأنه أن يمنع الحالات المتطرّفة من الغضب والانفعال وما تجلبه من نتائج وخيمة.
أفكار سقراط وآراؤه كان لها تأثير كبير على الحضارة الحديثة. وفلسفته كانت احد الأسس الهامّة التي قامت عليها الفلسفة الغربية. ويشاع انه لم يكن جذّابا من حيث مظهره، لكنّه كان إنسانا ذا عزيمة قويّة وقدرة فائقة على ضبط نفسه وكبح تصرّفاته وانفعالاته.
ومع ذلك فقد استمتع بالحياة كثيرا وحقّق شعبية كبيرة في المجتمع الأثيني في زمانه. وكان جهده منصبّا على تعليم الشباب طرق التفكير الصحيح وعرْض ما يُفترض انه حقائق ومسلّمات على ميزان العقل لفحصها وتحليلها.
وقد عَرف سقراط أهميّة السياسة وكان يؤمن بالحقيقة ويركّز على تأكيد قيم العدالة والحبّ والفضيلة، وفوق ذلك أهميّة الجدل العقلاني ومعرفة الذات. كما كان يؤمن بأن الرذيلة إنما هي نتيجة للجهل وأنه لا يوجد شخص سيء بالفطرة. كانت الفضيلة عنده هي المعرفة، وكان يرى أن الذين يعرفون الصواب يتصرّفون دائما بطريقة صحيحة.
كان سقراط مدافعا قويّا عن قيم العدالة والحرّية والمساواة ورافضا بشدّة للأفكار المتزمّتة والمنغلقة، وهذا ما جعله مصدر الهام للكثيرين. وقد سحرت شخصيّته وأفكاره كثيرا من فلاسفة ومفكّري القرن التاسع عشر. ومن أشهر من تأثّروا به هيغل وكيركغارد ونيتشه الذي تحدّث عنه في كتابه "أفول الأصنام" واعتبره احد أهمّ الشخصيّات التي أثّرت في تاريخ العالم. كما لاقت فلسفته هوى عند الوجوديين وعلماء اللغة والاجتماع.
لا يُعرف على وجه التأكيد لماذا رسم رينولت هذه القصّة. لكن يقال انه كان يسقط أفكاره وقناعاته الأخلاقية الخاصّة على الأحداث التاريخية. وهو كان رسّاما اكاديميا ومعاصرا لـ دافيد. وجزء كبير من لوحاته مخصّصة لرسم أحداث وقصص تاريخية.
بالنسبة لـ آلسيباياديز، كانت مشاركته الفعّالة في الحياة العامّة مؤشّرا على ذكائه واتساع نفوذه. وفي إحدى المرّات، عُيّن - ضدّ إرادته على ما يبدو - قائدا لجيش أثينا إلى صقلّية. وأثناء تلك الحملة استدعي إلى أثينا لمواجهة تهم بالتخريب وانتهاك القانون العام. لكنّه هرب إلى سبارتا وعرض خدماته على أهلها لإلحاق الهزيمة بالأثينيين. ونتيجة لذلك، حكمت عليه أثينا بالموت غيابيا وصادرت كافّة ممتلكاته. لكنّه سرعان ما اصطدم مع قادة سبارتا، ما دفعه للهرب هذه المرّة إلى بلاد فارس. غير انه تمكّن من استرداد ثقة أثينا به، فنصّبه أهلها قائدا وحقّق لهم عددا من الانتصارات العسكرية.
وعندما اخفق في حملته في آسيا انقلبوا عليه، ما اضطرّه للفرار إلى فارس من جديد.
وفي ما بعد، أضرمت النار في بيته ذات ليلة، وأثناء محاولته النجاة بنفسه فاجأته عصابة من رماة السهام وقتلوه. ويُعتقد أن أهل سبارتا هم من ضغط على الفرس لاغتياله.
كان آلسيباياديز احد أكثر الشخصيات إثارةً للجدل في اليونان القديمة. والاهمّ من هذا انه كان احد أفضل تلاميذ وأتباع سقراط. وقد عاش حياة مرفّهة في أثينا وساعده على ذلك جمال ملامحه وثراء أسرته. وعُرف عنه انه كان ذا روح حرّة ومفعما بالنشاط والحيوية. ولهذه الأسباب كان له معجبون كثر بقدر ما كان له أعداء.
كان متزوّجا من امرأة وفيّة وذات مكانة ونسب. لكنّها ضاقت ذرعا بعلاقات زوجها المتعدّدة مع الغانيات. لذا تركته واعتكفت في بيت عائلتها. غير انه لم يكترث للأمر، بل استمرّ في نفس أسلوب حياته المتهتّك والمستهتر.
وقد أصبح تلميذا عند سقراط منذ سنواته المبكّرة. ويقال أنهما كانا منجذبين إلى الفكرة اليونانية القديمة عن الحبّ بين رجل وشابّ. هذا النوع من العلاقة كان أفلاطون، مثلا، يضعه في مكانة أسمى من علاقة الحبّ التي يمكن أن تربط رجلا وامرأة.
لكن آلسيباياديز كان يحبّ النساء أيضا. وكان، مثل بقيّة رجال أثينا آنذاك، يتردّد على بيوت الهوى. في ذلك الوقت، كان الرجال يتميّزون كثيرا على النساء ولم يكن هناك أيّ قدر من المساواة بين الجنسين كما يعرفها الناس اليوم. وكانت غالبية المحظيّات يتوجّهن للطبقة الاجتماعية الرفيعة. ويمكن مقارنة مكانتهنّ بنساء الصالونات التي عرفتها أوربّا خلال القرن التاسع عشر من حيث تمتّعهن بالثقافة والجمال والذكاء والقدرة على انتزاع إعجاب الرجال. ولم يكنّ يعانين من الكثير من القيود الاجتماعية، مقارنة بنساء أثينا المتزوّجات اللاتي كنّ يعشن حياة كبت وتهميش.
وقد جرت العادة أن يتمّ تدريب هذا النوع من النساء على إجادة فنّ الحديث والتسلية الموسيقية والغناء والرقص وعزف الآلات الموسيقية. وكنّ يرافقن الأغنياء ووجهاء المجتمع، مقابل المال، لحضور الندوات وحفلات الشراب والمناسبات الاجتماعية والسياسية والفكرية.
أسبيشيا كانت أشهر هؤلاء. حيث كانت تدير بيتا للغانيات في أثينا، وكانت تعلّم النساء الشابّات فيه على فنون مجالسة الرجال وأحيانا ما هو أكثر من الأمور الحميمة، كالخطابة والجدل. كان سقراط نفسه يحترم هذه المرأة بل ويعتبرها إحدى أفضل النساء في أثينا لكثرة ما كانت تشارك في النقاشات الفلسفية والسجالات الفكرية التي كانت تدور بين أعيان المجتمع والمثقّفين.
والواقع أن من ينظر إلى هذه اللوحة لا بدّ وأن ينحّي جانبا كلّ انطباعاته المسبقة عن المعلّم الحكيم سقراط. فمن الصعب أن نتخيّله غاضبا، مثلا، بسبب زيارة قام بها أحد تلاميذه إلى ماخور. وحتّى فكرة أنه يمكن أن يثور بدوافع الغيرة تبدو فكرة غير محتملة.
في اللوحة يرسم رينولت سقراط وهو في حالة غضب بينما يسحب تلميذه النزق لإبعاده عن إغراء النساء. غير أن آلسيباياديز ما يزال متشبّثا بمحظيّته حتّى وهو يرى أستاذه مصرّا على إخراجه من المكان بالقوّة. وعلى يمين اللوحة، تبدو أسبيشيا وهي تحاول تهدئة امرأة أخرى مستلقية على السرير.
الغريب أن سقراط نفسه كان يستمتع بجلسات منتظمة في حضور الغانيات. لكنه كان ينصح دائما بالاعتدال في كلّ شيء. ولطالما اعترض على أن يصرف الإنسان جزءا كبيرا من وقته على الملذّات الحسّية. وكان يقول إن الاعتدال من شأنه أن يمنع الحالات المتطرّفة من الغضب والانفعال وما تجلبه من نتائج وخيمة.
أفكار سقراط وآراؤه كان لها تأثير كبير على الحضارة الحديثة. وفلسفته كانت احد الأسس الهامّة التي قامت عليها الفلسفة الغربية. ويشاع انه لم يكن جذّابا من حيث مظهره، لكنّه كان إنسانا ذا عزيمة قويّة وقدرة فائقة على ضبط نفسه وكبح تصرّفاته وانفعالاته.
ومع ذلك فقد استمتع بالحياة كثيرا وحقّق شعبية كبيرة في المجتمع الأثيني في زمانه. وكان جهده منصبّا على تعليم الشباب طرق التفكير الصحيح وعرْض ما يُفترض انه حقائق ومسلّمات على ميزان العقل لفحصها وتحليلها.
وقد عَرف سقراط أهميّة السياسة وكان يؤمن بالحقيقة ويركّز على تأكيد قيم العدالة والحبّ والفضيلة، وفوق ذلك أهميّة الجدل العقلاني ومعرفة الذات. كما كان يؤمن بأن الرذيلة إنما هي نتيجة للجهل وأنه لا يوجد شخص سيء بالفطرة. كانت الفضيلة عنده هي المعرفة، وكان يرى أن الذين يعرفون الصواب يتصرّفون دائما بطريقة صحيحة.
كان سقراط مدافعا قويّا عن قيم العدالة والحرّية والمساواة ورافضا بشدّة للأفكار المتزمّتة والمنغلقة، وهذا ما جعله مصدر الهام للكثيرين. وقد سحرت شخصيّته وأفكاره كثيرا من فلاسفة ومفكّري القرن التاسع عشر. ومن أشهر من تأثّروا به هيغل وكيركغارد ونيتشه الذي تحدّث عنه في كتابه "أفول الأصنام" واعتبره احد أهمّ الشخصيّات التي أثّرت في تاريخ العالم. كما لاقت فلسفته هوى عند الوجوديين وعلماء اللغة والاجتماع.
لا يُعرف على وجه التأكيد لماذا رسم رينولت هذه القصّة. لكن يقال انه كان يسقط أفكاره وقناعاته الأخلاقية الخاصّة على الأحداث التاريخية. وهو كان رسّاما اكاديميا ومعاصرا لـ دافيد. وجزء كبير من لوحاته مخصّصة لرسم أحداث وقصص تاريخية.
بالنسبة لـ آلسيباياديز، كانت مشاركته الفعّالة في الحياة العامّة مؤشّرا على ذكائه واتساع نفوذه. وفي إحدى المرّات، عُيّن - ضدّ إرادته على ما يبدو - قائدا لجيش أثينا إلى صقلّية. وأثناء تلك الحملة استدعي إلى أثينا لمواجهة تهم بالتخريب وانتهاك القانون العام. لكنّه هرب إلى سبارتا وعرض خدماته على أهلها لإلحاق الهزيمة بالأثينيين. ونتيجة لذلك، حكمت عليه أثينا بالموت غيابيا وصادرت كافّة ممتلكاته. لكنّه سرعان ما اصطدم مع قادة سبارتا، ما دفعه للهرب هذه المرّة إلى بلاد فارس. غير انه تمكّن من استرداد ثقة أثينا به، فنصّبه أهلها قائدا وحقّق لهم عددا من الانتصارات العسكرية.
وعندما اخفق في حملته في آسيا انقلبوا عليه، ما اضطرّه للفرار إلى فارس من جديد.
وفي ما بعد، أضرمت النار في بيته ذات ليلة، وأثناء محاولته النجاة بنفسه فاجأته عصابة من رماة السهام وقتلوه. ويُعتقد أن أهل سبارتا هم من ضغط على الفرس لاغتياله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق