بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 22 يونيو 2010

تمثـال النصـر المجنـّح القرن الثالث قبل الميلاد

يعتبر هذا التمثال واحدا من أشهر الأعمال النحتية في العالم والتي تعود إلى الحقبة الهيلينستية. وهو يقدّم صورة مجازية عن النصر أبدعتها مخيّلة نحّات عبقري شاء القدر أن يظلّ اسمه مجهولا.
وقد اكتشفه عام 1863 قنصل فرنسا في اليونان، وكان عالم آثار ومؤرّخا، ثم أرسله في نفس السنة إلى باريس حيث ظلّ في متحف اللوفر منذ ذلك الحين.
وفي ما بعد، أي في خمسينات القرن الماضي، أرسل الفرنسيون بعثة أثرية إلى جزيرة ساموتراكي اليونانية، حيث اكتشف التمثال لأوّل مرّة، في محاولة للبحث عن الأجزاء المفقودة منه.
لكن لم تعثر البعثة سوى على أجزاء من اليدين والأصابع في حين بقي مكان الرأس مجهولا حتى اليوم.
هذا التمثال الضخم منحوت بالكامل من المرمر، وهو يصوّر آلهة النصر الإغريقية Nike التي تأخذ هيئة امرأة تقف على قاعدة من الحجر تشبه هيكل سفينة.
والطريقة التي أنجز بها التمثال تدلّ على براعة النحّات الذي صنعه وعلى عناصر الإبداع والإحكام والجمال التي أودعت فيه.
ويقال إن التمثال كان رمزا لانتصار احد قادة الإغريق في معركة بحرية خاضها ضدّ أعدائه حوالي بدايات القرن الثالث قبل الميلاد.
وقد جلبت حجارة التمثال من جزيرة باروس اليونانية التي اشتهرت بتشكيلاتها الحجرية وجودة رخامها. وعندما تمّ الانتهاء منه وضع على صخرة عالية تطلّ على معبد كبار الآلهة من جهة وعلى البحر من جهة أخرى.
تبدو المرأة في التمثال بقوام فارع وجناحين عريضين وجسد مندفع إلى الإمام، بينما تطاير رداؤها الشفاف بفعل ما يفترض أنه قوّة الرياح التي تقف بمواجهتها.
براعة النحّات هنا واضحة من خلال طريقته في رسم الخطوط وتشكيل النسيج وأسلوبه في تمثيل طيّات الرداء وانثناء جسد المرأة إلى الأمام.
ومن العناصر الأخرى ذات التأثير الصوري الأخّاذ في هذا التمثال طريقة الوقوف الدرامية والتكثيف الحركي، ما يثير إحساسا بالجلال والفخامة.
ولا بدّ وأن يتخيّل المرء أن رأس المرأة المفقود كان ذا ملامح جميلة وأنها ربّما كانت تنفخ بفمها آلة نفير وتحمل في أحد ذراعيها إكليل غار أو غصن زيتون تتوّج به أعناق المنتصرين.
كان قدامى اليونان مغرمين كثيرا بالتنافس في ميادين الحروب والرياضات المختلفة. لذا كان وجود الآلهة ضروريا وله ما يبرّره، باعتبارها ملهما للفوز ومحفّزا على تحقيق الانتصار.
لكن ليس من الواضح لماذا كانوا يصوّرون النصر دائما على هيئة امرأة.
قد يكون احد الأسباب أن المرأة أكثر قدرة على استثارة الرجال وبثّ العزيمة والحماس في نفوسهم.
بقيت الإشارة إلى أن اسم آلهة النصر Nike أصبح ماركة مسجّلة لإحدى أشهر شركات صناعة الأحذية والملابس الرياضية في العالم.
كما أن الفنان الأمريكي Abbott Thayer استلهم طريقة حركة المرأة في التمثال وكذلك شكل جناحيها في رسم كبرى بناته الثلاث كما يظهرن في لوحته المشهورة عذراء ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق