قد تكون القيمة الإبداعية لهذه اللوحة موضع تساؤل وجدل. غير أن من الواضح أنها تتّسم بجدّة موضوعها وطرافة تناولها. وقد انتشرت مؤخّرا على نطاق واسع عبر الانترنت على الرغم من أنها ُرسمت قبل ثلاث سنوات.
صاحب فكرة اللوحة هو الرسّام الصيني داي دودو الذي أشرك معه في رسمها اثنين من زملائه لأن ضخامتها وكثرة الأشخاص والتفاصيل فيها كانت تتطلّب نوعا من الجهد الجماعي. ويبلغ طول اللوحة ستّة أمتار وعرضها ثلاثة. وهي تشبه في ضخامتها واتّساعها، إلى حدّ ما، لوحة رسّام عصر النهضة الايطالي باولو فيرونيزي بعنوان عُرس في قانا الجليل .
وكانت الغاية أن تضمّ اللوحة مائة شخصية تاريخية من عصور وأمكنة مختلفة رأى الرسّامون الثلاثة أنها تمثل الشخصيّات الأهمّ في تاريخ العالم في ميادين الفكر والسياسة والحرب والفلسفة والفنّ والرياضة وغيرها.
وقد استغرق رسمها حوالي السنة، واختار الرسّامون سور الصين العظيم ليكون المكان الذي يجتمع حوله هذا العدد الكبير من الشخصيات.
في اللوحة تظهر الشخصيّات المائة في مشهد رتّبت تفاصيله بعناية. وقد كان في ذهن الفنانين الثلاثة أن يجمعوا كلّ هذه الشخصيات معا في هذا المكان كي يديروا نقاشا افتراضيا مع دانتي اليغييري شاعر القرن الرابع عشر الايطالي ومؤلف كتاب الكوميديا الإلهية.
ويظهر دانتي واقفا في أعلى السور في الزاوية اليمنى من اللوحة، بينما يحيط به الرسّامون الثلاثة الذين يشرفون على الحشد المجتمع أسفل منهم.
وفي خلفية اللوحة يظهر، بالإضافة إلى السور العظيم، صرحان آخران من أشهر صروح العالم القديم: أهرامات مصر وحجارة ستون هنج الأثرية البريطانية.
دانتي يقوم هنا بدور المحاضر أو المعلّم. ويبدو انه اختير لهذه المهمّة لكونه مؤلّف الكوميديا الإلهية؛ الكتاب الذي يعتبره بعض النقاد أعظم عمل أدبي ألّف بالايطالية وواحدا من أهمّ التحف الأدبية العالمية. وهو عبارة عن مجموعة من القصص التي يحكي فيها دانتي عن رحلته المتخيّلة إلى عالم ما بعد الموت ويصف فيه على وجه الخصوص أهوال وعذاب الجحيم.
أما شكل اللوحة وأسلوب بنائها وتوزيع الشخصيات فيها فمن المرجّح أن الرسّامين استوحوه من لوحة رافائيل المشهورة مدرسة أثينا التي صوّر فيها مجموعة من أهم علماء وفلاسفة العالم القديم وهم منخرطون في حلقة نقاش.
لكنْ في هذه اللوحة لا يبدو أن ثمّة الكثير مما يربط الشخصيات بعضها ببعض.
وقد يتساءل شخص، مثلا، عن العلاقة التي يمكن أن تربط سقراط بـ بيل غيتس، أو هتلر بـ بيتهوفن، أو ليوناردو دافنشي بـ ستالين اللذين يشاهدان وهما منهمكان في الحديث مع بعضهما.
ومع ذلك لا تخلو اللوحة من بعض العناصر اللافتة والطريفة. فـ كوفي عنان يظهر وهو يعزف على آلة الفلوت، بينما نرى ليو تولستوي وهو مستغرق في العزف على الأكورديون، فيما بوش الابن ينظر عبر منظار مكبّر وخلفه مباشرة يقف أسامة بن لادن. ولم ينسَ الرسّامون أن يسجّلوا حضور النعجة المستنسخة دوللي التي تقف عند قدمي غاندي.
والذي يدقّق في قائمة الشخصيّات المرسومة في اللوحة لا بدّ وأن يستغرب، مثلا، غياب أشخاص مثل المسيح وبوذا مقابل حضور أشخاص أقلّ شأنا مثل لاعب الكرة بيليه والمغنّي ايلفيس بريسلي والمخرج ستيفن سبيلبيرغ واعتبارهم من الشخصيات التاريخية.
ثم هناك صورة خوان انطونيو سامارانش مسئول اللجنة الاولمبية العالمية سابقا والذي يبدو أن الرسّامين حشروه في اللوحة عنوةً، مجاملة له على تزكيته ترشيح الصين لاستضافة الاولمبياد الأخير على أراضيها. بعض النقاد قرءوا حضور دانتي في اللوحة وإعطائه دور المعلم قراءة مختلفة. فالمعروف أن الكوميديا الإلهية مكرّسة في جزء كبير منها للحديث عن صورة الجحيم والأهوال التي تنتظر العُصاة والخاطئين فيه. وكأنّ في هذا إشارة تخويف أو رؤية عن "جحيم ما" ينتظر شخصيات اللوحة أو بعضهم.
ومن الملاحظ أيضا أن اللوحة تضمّ صورا لبعض الحيوانات والطيور التي رافقت الإنسان منذ فجر الخليقة، مثل الجمل والثور والنسر بالإضافة إلى صورة لكلب وخروف يقودهما شخص يُحتمل انه النبيّ نوح أو موسى.
ولا بدّ أن يستوقف الناظر إلى اللوحة منظر الرجل الضخم ذي الملامح الصينية الذي يبدو مترنّحا فوق كرسيّه وكأنه يحاذر السقوط إلى الأرض. هذا الرجل بحسب ما يشير إليه اسمه هو "لي باي" الذي يعتبر أشهر شعراء الصين الكلاسيكيين والذي عاش في القرن الثامن الميلادي. وقد كان لي باي من أتباع الطاويّة وعُرف بأشعاره التي تمجّد الحرّية وبشغفه الكبير بالخمر وكثرة الأسفار. ولعلّ رسمه بهذه الطريقة الغريبة له علاقة بالكيفية التي مات بها. إذ يقال إنه غرق في مياه اليانغتسي بعد أن سقط من قاربه ليلا بينما كان يحاول، وهو سكران، الإمساك بالقمر المنعكسة صورته في مياه النهر.
ومن الأشياء الأخرى التي تلفت الانتباه في اللوحة ذلك الصفّ الطويل من الأشخاص الذين يظهرون في أعلاها وهم يرتدون ثيابا بيضاء أشبه ما تكون بالأكفان بينما يأخذون طريقهم باتجاه الأهرامات التي قد تكون رمزا للموت أو الخلود.
ترى هل هؤلاء هم الضحايا؟ قتلى الحروب والمآسي التي جلبها عظماء التاريخ من ساسة وقادة عسكريين؟
أغلب الظنّ أنهم كذلك. ومما يرجّح هذا الاحتمال صورة المرأة التي تقف في نهاية الصفّ خلف بوش الابن مباشرة وإلى جوار بن لادن، والتي ترفع يديها إلى السماء بالتوسّل والشكوى. ومن الواضح أن الرسّامين استعاروا هذه اللقطة من صورة فوتوغرافية مشهورة للمصوّر الفرنسي هنري بريسون التقطها في أربعينات القرن الماضي لأقارب ضحايا إحدى المذابح الطائفية التي حدثت في مدينة سريناغار الهندية.
وهناك احتمال أن يكون الدافع الأساسي من وراء رسم اللوحة هو محاولة الترويج للثقافة الصينية في العالم. فهناك اثنتان وعشرون شخصيّة صينية في اللوحة, ومعظمهم مجهولون تماما خارج الصين. وربّما لا يُعرف منهم سوى كونفوشيوس ولاو تسو وجنكيز خان وماوتسي تونغ وصن يات-سين ودينغ شياو بينغ.
وما يعزّز هذا الاحتمال طغيان الكثير من جوانب الثقافة الصينية على اللوحة، مثل الطاولات التي غُطيت بخارطة الصين، وقطع الأثاث والنقوش والزخارف الصينية والأواني البرونزية والعتاد الحربي والآلات الموسيقية الصينية.
هناك من يقول إن سرّ شعبية هذه اللوحة واهتمام الناس بها يعود إلى حقيقة أن الناس في هذا العصر الذي تهيمن عليه الميديا واسعة الانتشار مفتونون كثيرا بالشخصيات النجومية وميّالون إلى تمجيد المشاهير بل وحتى إحاطتهم بهالة من التبجيل والقداسة، يستوي في ذلك أكان الشخص المشهور سياسيا أو مغنيّا أو رياضيا أو رسّاما أو ممثّلا أو غير ذلك.
صاحب فكرة اللوحة هو الرسّام الصيني داي دودو الذي أشرك معه في رسمها اثنين من زملائه لأن ضخامتها وكثرة الأشخاص والتفاصيل فيها كانت تتطلّب نوعا من الجهد الجماعي. ويبلغ طول اللوحة ستّة أمتار وعرضها ثلاثة. وهي تشبه في ضخامتها واتّساعها، إلى حدّ ما، لوحة رسّام عصر النهضة الايطالي باولو فيرونيزي بعنوان عُرس في قانا الجليل .
وكانت الغاية أن تضمّ اللوحة مائة شخصية تاريخية من عصور وأمكنة مختلفة رأى الرسّامون الثلاثة أنها تمثل الشخصيّات الأهمّ في تاريخ العالم في ميادين الفكر والسياسة والحرب والفلسفة والفنّ والرياضة وغيرها.
وقد استغرق رسمها حوالي السنة، واختار الرسّامون سور الصين العظيم ليكون المكان الذي يجتمع حوله هذا العدد الكبير من الشخصيات.
في اللوحة تظهر الشخصيّات المائة في مشهد رتّبت تفاصيله بعناية. وقد كان في ذهن الفنانين الثلاثة أن يجمعوا كلّ هذه الشخصيات معا في هذا المكان كي يديروا نقاشا افتراضيا مع دانتي اليغييري شاعر القرن الرابع عشر الايطالي ومؤلف كتاب الكوميديا الإلهية.
ويظهر دانتي واقفا في أعلى السور في الزاوية اليمنى من اللوحة، بينما يحيط به الرسّامون الثلاثة الذين يشرفون على الحشد المجتمع أسفل منهم.
وفي خلفية اللوحة يظهر، بالإضافة إلى السور العظيم، صرحان آخران من أشهر صروح العالم القديم: أهرامات مصر وحجارة ستون هنج الأثرية البريطانية.
دانتي يقوم هنا بدور المحاضر أو المعلّم. ويبدو انه اختير لهذه المهمّة لكونه مؤلّف الكوميديا الإلهية؛ الكتاب الذي يعتبره بعض النقاد أعظم عمل أدبي ألّف بالايطالية وواحدا من أهمّ التحف الأدبية العالمية. وهو عبارة عن مجموعة من القصص التي يحكي فيها دانتي عن رحلته المتخيّلة إلى عالم ما بعد الموت ويصف فيه على وجه الخصوص أهوال وعذاب الجحيم.
أما شكل اللوحة وأسلوب بنائها وتوزيع الشخصيات فيها فمن المرجّح أن الرسّامين استوحوه من لوحة رافائيل المشهورة مدرسة أثينا التي صوّر فيها مجموعة من أهم علماء وفلاسفة العالم القديم وهم منخرطون في حلقة نقاش.
لكنْ في هذه اللوحة لا يبدو أن ثمّة الكثير مما يربط الشخصيات بعضها ببعض.
وقد يتساءل شخص، مثلا، عن العلاقة التي يمكن أن تربط سقراط بـ بيل غيتس، أو هتلر بـ بيتهوفن، أو ليوناردو دافنشي بـ ستالين اللذين يشاهدان وهما منهمكان في الحديث مع بعضهما.
ومع ذلك لا تخلو اللوحة من بعض العناصر اللافتة والطريفة. فـ كوفي عنان يظهر وهو يعزف على آلة الفلوت، بينما نرى ليو تولستوي وهو مستغرق في العزف على الأكورديون، فيما بوش الابن ينظر عبر منظار مكبّر وخلفه مباشرة يقف أسامة بن لادن. ولم ينسَ الرسّامون أن يسجّلوا حضور النعجة المستنسخة دوللي التي تقف عند قدمي غاندي.
والذي يدقّق في قائمة الشخصيّات المرسومة في اللوحة لا بدّ وأن يستغرب، مثلا، غياب أشخاص مثل المسيح وبوذا مقابل حضور أشخاص أقلّ شأنا مثل لاعب الكرة بيليه والمغنّي ايلفيس بريسلي والمخرج ستيفن سبيلبيرغ واعتبارهم من الشخصيات التاريخية.
ثم هناك صورة خوان انطونيو سامارانش مسئول اللجنة الاولمبية العالمية سابقا والذي يبدو أن الرسّامين حشروه في اللوحة عنوةً، مجاملة له على تزكيته ترشيح الصين لاستضافة الاولمبياد الأخير على أراضيها. بعض النقاد قرءوا حضور دانتي في اللوحة وإعطائه دور المعلم قراءة مختلفة. فالمعروف أن الكوميديا الإلهية مكرّسة في جزء كبير منها للحديث عن صورة الجحيم والأهوال التي تنتظر العُصاة والخاطئين فيه. وكأنّ في هذا إشارة تخويف أو رؤية عن "جحيم ما" ينتظر شخصيات اللوحة أو بعضهم.
ومن الملاحظ أيضا أن اللوحة تضمّ صورا لبعض الحيوانات والطيور التي رافقت الإنسان منذ فجر الخليقة، مثل الجمل والثور والنسر بالإضافة إلى صورة لكلب وخروف يقودهما شخص يُحتمل انه النبيّ نوح أو موسى.
ولا بدّ أن يستوقف الناظر إلى اللوحة منظر الرجل الضخم ذي الملامح الصينية الذي يبدو مترنّحا فوق كرسيّه وكأنه يحاذر السقوط إلى الأرض. هذا الرجل بحسب ما يشير إليه اسمه هو "لي باي" الذي يعتبر أشهر شعراء الصين الكلاسيكيين والذي عاش في القرن الثامن الميلادي. وقد كان لي باي من أتباع الطاويّة وعُرف بأشعاره التي تمجّد الحرّية وبشغفه الكبير بالخمر وكثرة الأسفار. ولعلّ رسمه بهذه الطريقة الغريبة له علاقة بالكيفية التي مات بها. إذ يقال إنه غرق في مياه اليانغتسي بعد أن سقط من قاربه ليلا بينما كان يحاول، وهو سكران، الإمساك بالقمر المنعكسة صورته في مياه النهر.
ومن الأشياء الأخرى التي تلفت الانتباه في اللوحة ذلك الصفّ الطويل من الأشخاص الذين يظهرون في أعلاها وهم يرتدون ثيابا بيضاء أشبه ما تكون بالأكفان بينما يأخذون طريقهم باتجاه الأهرامات التي قد تكون رمزا للموت أو الخلود.
ترى هل هؤلاء هم الضحايا؟ قتلى الحروب والمآسي التي جلبها عظماء التاريخ من ساسة وقادة عسكريين؟
أغلب الظنّ أنهم كذلك. ومما يرجّح هذا الاحتمال صورة المرأة التي تقف في نهاية الصفّ خلف بوش الابن مباشرة وإلى جوار بن لادن، والتي ترفع يديها إلى السماء بالتوسّل والشكوى. ومن الواضح أن الرسّامين استعاروا هذه اللقطة من صورة فوتوغرافية مشهورة للمصوّر الفرنسي هنري بريسون التقطها في أربعينات القرن الماضي لأقارب ضحايا إحدى المذابح الطائفية التي حدثت في مدينة سريناغار الهندية.
وهناك احتمال أن يكون الدافع الأساسي من وراء رسم اللوحة هو محاولة الترويج للثقافة الصينية في العالم. فهناك اثنتان وعشرون شخصيّة صينية في اللوحة, ومعظمهم مجهولون تماما خارج الصين. وربّما لا يُعرف منهم سوى كونفوشيوس ولاو تسو وجنكيز خان وماوتسي تونغ وصن يات-سين ودينغ شياو بينغ.
وما يعزّز هذا الاحتمال طغيان الكثير من جوانب الثقافة الصينية على اللوحة، مثل الطاولات التي غُطيت بخارطة الصين، وقطع الأثاث والنقوش والزخارف الصينية والأواني البرونزية والعتاد الحربي والآلات الموسيقية الصينية.
هناك من يقول إن سرّ شعبية هذه اللوحة واهتمام الناس بها يعود إلى حقيقة أن الناس في هذا العصر الذي تهيمن عليه الميديا واسعة الانتشار مفتونون كثيرا بالشخصيات النجومية وميّالون إلى تمجيد المشاهير بل وحتى إحاطتهم بهالة من التبجيل والقداسة، يستوي في ذلك أكان الشخص المشهور سياسيا أو مغنيّا أو رياضيا أو رسّاما أو ممثّلا أو غير ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق